أكاذيب يجب ان يتم كشفها 3 – ابن حنبل ومحنة خلق القران
الدكتور زهير جمعة المالكي
من الأكاذيب التي
ينشرها المتأسلمين وفي محاولتهم لخلق هالة كاذبة من الثبات على المباديء حول
رموزهم ومن تلك الأكاذيب اكذوبة ثبات ابن حنبل في فتنة خلق القران وصموده امام
الضرب والتعذيب واليوم سوف نكشف حقيقة هذه الكذبة وحقيقة تخاذل ابن حنبل واقراره
بخلق القران وكذب ما نسب له من صمود على المباديء .
فتنة خلق القرآن
أو محنة الفقهاء بدات من 218 هـ / 833م واستمرت قرابة خمسة عشر عاماً ابتدأها
الخليفة العباسي المأمون باعتناقه مذهب الاعتزال ثم حمله الناس على الاعتقاد بما
ذهب إليه المعتزلة في كون القرآن مخلوق. طلب
الخليفة المأمون من ولاته امتحان العلماء والقضاة، وسار على نهجه كل من الخليفتين
المعتصم والواثق، فقتل وجلد وعذب فقهاء وعلماء من أهل الحديث . أرسل المأمون كتابا
إلى والي بغداد اسحاق ابن ابراهيم يأمره بجمع العلماء وإقناعهم بأن القرآن مخلوق
وأمره أن يقطع رزق وجراية كل من لم يقتنع بهذا.رفض علماء الدين الامتثال لمطالب المأمون، فما كان من الأخير إلا
إرساله رسالة ثانية لواليه في بغداد بحبس كل من لم يمتثل. وكان اول من قتل في المحنة ( أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر بن عبد
الأعلى بن مسهرالدمشقي ذكره شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي في سير أعلام
النبلاء الطبقة الحادية عشرة الجزء 10 الصفحة 229 " قال أحمد بن علي بن الحسن البصري :
سمعت أبا داود السجستاني -وقيل له : إن أبا مسهر كان متكبرا في نفسه- فقال : كان
من ثقات الناس ، رحم الله أبا مسهر ، لقد كان من الإسلام بمكان ، حمل على المحنة ،
فأبى ، وحمل على السيف ، فمد رأسه ، وجرد السيف ، فأبى ، فلما رأوا ذلك منه ، حمل
إلى السجن ، فمات". كذلك مات في السجن (نعيم بن حماد بن معاوية) قال عنه الذهبي في سير اعلام النبلاء الطبقة الثانية
عشر الجزء 10 الصفحة 612 " قال أبو القاسم البغوي ، وإبراهيم
بن عرفة نفطويه ، وابن عدي :
مات سنة تسع وعشرين زاد نفطويه : وكان مقيدا
محبوسا لامتناعه من القول بخلق القرآن ، فجر بأقياده ، فألقي في حفرة ، ولم يكفن ،
ولم يصل عليه . فعل به ذلك صاحب ابن أبي دواد " . يذكر الطبري أن
بعض العلماء أجابوا الخليفة في طلبه بأن القرآن مخلوق، إلا أربعة: أحمد بن حنبل،
سجادة، القواريري، محمد بن نوح المضروب، فأمر والي بغداد إسحاق بن إبراهيم فشدوا
في الحديد، فلما كان الغد دعا بهم يساقون بالحديد، فأعاد عليهم المحنة، فأجابه
سجادة إلى أن القرآن مخلوق، فأمر بإطلاق قيده وخلي سبيله، وأصر الآخرون على قولهم،
فلما كان من بعد الغد عاودهم أيضا، فأعاد عليهم القول، فأجاب القواريري إلى أن
القرآن مخلوق، فأمر بإطلاق قيده، وخلي سبيله، وأصر بن حنبل ومحمد بن نوح على
قولهما، فشدا في الحديد. وفي
الطريق إلى السجن في طرسوس، بلغهم وفاة المأمون وهم في الرقة، فأعيد وأودع السجن
ريثما تستقر الأمور.
عندما تولى
المعتصم الحكم بعد المامون تم استدعاء ابن حنبل مرة أخرى وحصلت مناظرته امام
الخليفة وتروي خبر تلك المناظرة الكتب فف حين نرى ان فقهاء مشهورين أمثال احمد ابن
نصر الخزاعي وأبو يعقوب البويطي قد تم قتلهم لرفضهم القول بخلق القران كما تقول
الكتب فان ابن حنبل تتم معاملته معاملة مختلف ولا يضرب الا ثلاثين سوطا مقطوعة
الثمار، مشبعة الأطراف . نرى فقهاء كبار مثل أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي قال شمس
الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي في سير أعلام النبلاء الطبقة الثانية عشرة الجزء
11 الصفحة 166 " قال المروذي : سمعت أحمد ذكر أحمد بن نصر ، فقال : رحمه الله
، لقد جاد بنفسه . وعلق في أذن أحمد بن نصر ورقة فيها : هذا رأس أحمد بن نصر ،
دعاه الإمام هارون إلى القول بخلق القرآن ، ونفي التشبيه ، فأبى إلا المعاندة ،
فعجله الله إلى ناره ". و يوسف أبو يعقوب بن يحيى البويطي قال فيه شمس الدين
محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي في سير أعلام النبلاء الطبقة الثالثة عشر الجزء 12
الصفحة 59 " قال الربيع بن سليمان : كان البويطي أبدا يحرك شفتيه بذكر الله ،
وما أبصرت أحدا أنزع بحجة من كتاب الله من البويطي . ولقد رأيته على بغل في عنقه
غل ، وفي رجليه قيد ، وبينه وبين الغل سلسلة فيها لبنة وزنها أربعون رطلا ، وهو
يقول : إنما خلق الله الخلق ب " ، كن " ، ، فإذا كانت مخلوقة ، فكأن
مخلوقا خلق بمخلوق . ولئن أدخلت عليه لأصدقنه ، يعني : الواثق ، ولأموتن في حديدي
هذا حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم ".
وكان ممن قبل القول بخلق القران علي المديني قال ابن
السبكي: "وكان علي بن المديني ممن أجاب إلى القول بخلق القرآن في
المحنة" . عمل الإعلام الحنبلي على تضخيم موقف أحمد بن حنبل والذي يقرأ أخبار
المحنة يظن أنَّ الممتَحَنَ الوحيد هو أحمد، وللعباسية دور في هذا التضخيم فما هو
موقف احمد ابن حنبل الحقيقي في موضوع خلق القران . بالرغم من كل محاولات الاعلام
السلفي فان الحقيقة يجب ان تظهر فابن حنبل أجاب المعتصم واعترف بخلق القرآن عندما
ناقشه ابن أبي داود ولم يجد جوابا . وإذا رجعنا الى رسائل الجاحظ الكلامية نراه
يعير السلفية بان (صاحبهم ) ابن حنبل قد أجاب بخلق القران يقول الجاحظ في رسالته
الكلامية المنشورة في كتاب : رسائل الجاحظ . تحقيق عبد السلام هارون الجزء الثالث
(القسم الأول من الفصول المختارة من كتب الجاجظ اختيار الامام عبيد الله بن حسان)
منشورات دار الجيل بيروت لبنان 1991 الصفحة
295 يقول الجاحظ " وقد كان صاحبكم هذا (أحمد ابن حنبل ) يقول: لا تقية إلا في
دار الشرك، فلو كان ما أقر به من خلق القرآن، كان منه على وجه التقية، فلقد أعملها
في دار الإسلام، وقد أكذب نفسه، وإن كان ما أقر به على الصحة والحقيقة فلستم منه
وليس منكم، على أنه لم ير سيفا مشهورا، ولا ضرب ضربا كثيرا، ولا ضرب إلا بثلاثين
سوطا مقطوعة الثمار، مشبعة الأطراف. حتى أفصح بالإقرار مرارا، ولا كان في مجلس ضيق
ولا كانت حاله مؤيسة، ولا كان مثقلا بالحديد، ولا خلع قلبه بشدة الوعيد. ولقد كان
ينازع بألين الكلام ويجيب بأغلظ الجواب، ويرزنون ويخف ويحلمون ويطيش " .
قد يقول سائل ان
هذا كلام الجاحظ المعروف بانه من المعتزلة أصحاب القول بخلق القران ولكن ينسى ان
الجاحظ قال هذا الكلام في معرض مناظرته لاهل الحديث فلو كان يكذب لفضحوه . كما ان هذا
الايجاب جاء يؤيده ما ذكره اليعقوبي في تاريخ اليعقوبي تاليف اليعقوبي; أحمد بن إسحاق (أبي يعقوب) بن جعفر
بن وهب بن واضح اليعقوبي الناشر: دار صادر
بيروت لبنان الطبعة السادسة سنة النشر:
1415 – 1995 المجلد الثاني الصفحة 472 قال "وامتحن المعتصم أحمد بن حنبل في
خلق القرآن، فقال أحمد: أنا رجل علمت علما ولم أعلم فيه بهذا، فأحضر الفقهاء
وناظره عبد الرحمان بن إسحاق وغيره، فامتنع أن يقول أن القرآن مخلوق، فضرب عدة
سياط، فقال إسحاق ابن إبراهيم: ولني يا أمير المؤمنين مناظرته، فقال: شأنك به فقال
إسحاق: هذا العلم الذي علمته نزل به عليك ملك أو علمته من الرجال؟. فقال أحمد: بل
علمته من الرجال. فقال إسحاق، شيئا بعد شيء أو جملة قال: علمته شيئا بعد شيء. قال
إسحاق: فبقي عليك شيء لم تعلمه؟. قال أحمد: بقي علي شيء لم أعلمه. قال إسحاق: فهذا
مما لم تعلمه، وعلمكه أمير المؤمنين. قال أحمد: فإني أقول بقول أمير المؤمنين. قال
إسحاق: في خلق القرآن. قال أحمد: في خلق القرآن، فأشهد عليه وخلع عليه وأطلقه إلى
منزله". هذا ما يستدل به على إجابة أحمد للمعتصم، من أقوال رجال هم أقرب
الناس من عهده وأطلعهم على .
الخلاصة بان ابن حنبل قد قال بخلق القران رغم ان امتحانه كان اخف ما أمتحن غيره، وأن عذابه كان أقل من غيره خلافا لما يدعيه الحنابلة. وقد اعترف مجير الدين عبد الرحمن بن محمد العليمي، النهج الأحمد في تراجم أصحاب أحمد، عالم الكتب بيروت، ط 2 1984 م، ج 1 ص 25. بالقول "وقد يكون ما لقيه بعض العلماء أكثر مما لقيه الإمام أحمد بن حنبل، فالتاريخ يحدثنا أن قوما من العلماء امتحنوا بهذه المقالة فثبتوا على رأي أهل الحق، فأمر بإدخالهم السجن، ويحدثنا التاريخ أنهم بقوا في السجن حتى انتهى زمن المحنة كله ثم أطلق سراحهم، والتاريخ يحدثنا أن قوما آخرين ماتوا في السجن. والتاريخ يحدثنا أن إماما من هؤلاء الأئمة الأبرار دخل على الخليفة فامتحنه فتشدد في الاستمساك بالعروة الوثقى وأغلظ القول للخليفة ونال منه، فقتله الخليفة بيده" .
تعليقات
إرسال تعليق