صناعة الاحاديث وخرافات وهب ابن منبه
صناعة الاحاديث وخرافات وهب ابن منبه الجزء الأول
زهير جمعة المالكي
مع انتشار الإسلام
وبعد ان عم الجزيرة العربية لم يكن امام من كانوا يقفون أمامها ، ويصدون عن سبيلها
، إلاّ أن يكيدوا لها عن طريق الحيلة والخداع ، بعد أن عجزوا عن النيل منها بعدد
القوة والنزاع. ولم يجدوا بدّاً من أن يستعينوا بالمكر ، ويتوسّلوا بالدهاء ، لكي
يصلوا إلى ما يبتغون ، فهداهم المكر إلى أن يتظاهروا بالإسلام ، ويطووا نفوسهم على
دينهم ، حتى يخفى كيدهم ، ويجوز على المسلمين مكرهم وقد وجدوا بعد انتقال الرسول
الى الرفيق الأعلى الفرصة سانحة لاغراق تعاليم الإسلام السمحة بالخرافات والاساطير
. قال ابن خلدون ، عندما تكلّم عن التفسير النقلي وأنّه كان يشتمل على الغث
والسمين والمردود : والسبب في ذلك أنّ العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم ، وإنّما
غلبت عليهم البداوة والأُمّية. وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء ممّا تتشوّق إليه النفوس
البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة ، وأسرار الوجود ، فإنّما يسألون عنه أهل
الكتاب قبلهم ، ويستفيدونه منهم ، وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من
النصارى ، ... مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد اللّه بن سلام وأمثالهم ،
فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم وتساهل المفسرون في مثل ذلك ، وملأوا كتب
التفسير بهذه المنقولات ، وأصلها كلها كما قلنا من التوراة أو ممّا كانوا يفترون(.مقدّمة ابن خلدون : ص 439).
1.
شاعت
إسرائيليات كعب, وأخوته, وتعلم منه جمعا من الصحابة,- وتعلم منه كثيرا أبا هريرة,-
ففي اللقاء الأول بين كعب وأبي هريرة كما في طبقات ابن سعد وسنن الدارمي
والمستدرك:- (جاء أبو هريرة إلى كعب يسأل عنه وكعب في القوم فقال كعب ما تريد منه
فقال أما إني لا أعرف لأحد من أصحاب رسول الله أن يكون أحفظ لحديثه مني فقال كعب
أما إنك لن تجد طالب شيء إلا سيشبع منه يوما من الدهر إلا طالب علم أو طالب دنيا
فقال أنت كعب قال نعم قال لمثل هذا جئت),-
2.
حتى
في الأدعية تجد كعبا في دعائه الذي جاء في مسند البزار:- (قال كعب: إنا لنجد في
التوراة أن نبي الله داود كان إذا انصرف من صلاته قال : اللهم أصلح لي ديني الذي
جعلته عصمة أمري...),- ثم تحول هذا الدعاء إلى رواية حديثية, عن رسول الله بفضل
رواة الكوفة والبصرة, كما في صحيح مسلم:- (اللهم أصلح لى دينى الذى هو عصمة أمري
..
3.
وفي
مصنف ابن أبي شيبة:- (عن كعب قال: والذي فلق الحبة والنوى لبني إسرائيل أن في
التوراة مكتوب يا ابن آدم اتق ربك وابرر والديك وصل رحمك أمد لك في عمرك وأيسر لك
يسرك وأصرف عنك عسرك),- ثم تحول قول كعب إلى رواية حديثية عن رسول الله, في
البخاري:- (مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ،
فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ.) .
4.
وقد
بلغت عملية الاخذ من مجموعة كعب وامثاله مدى من الاتساع واصبح الرجوع في التفسير
وأسباب النزول إلى أمثال عكرمة ، ومجاهد ، وعطاء ، والضحاك معتادا، كما ملئت كتب
التفاسير بأقوالهم المرسلة ، ممّا لا يعذر فيه المسلم في أمر دينه ، لأنّ هؤلاء
الرجال غير ثقات في أنفسهم ، ومجتمعون على موائد أهل الكتاب من الأحبار والرهبان .
قال الدكتور أحمد أمين : اتصل بعض الصحابة بوهب بن منبه ، وكعب الأحبار ، وعبد
اللّه بن سلام ، واتصل التابعون بابن جريج ، وهؤلاء كانت لهم معلومات رووا عن
التوراة والإنجيل وشروحها وحواشيها ، فلم ير المسلمون بأساً من أن يقصوها بجانب آيات
القرآن ، فكانت منبعاً من منابع التضخيم ( ضحى الإسلام : ج 2ص139)
5.
قيل
للأعمش : ما بال تفسير مجاهد مخالف؟ أو شيء نحوه قال : أخذه من أهل الكتاب ويكفي
في ذلك أنّ مجاهداً الآخذ منهم فسر قوله تعالى (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ
مَقَامًا مَحْمُودًا ) (الإسراء : 79 ) قال : يجلسه معه على العرش.وأمّا عطاء ،
فقد قال أحمد : ليس في المراسيل أضعف من مراسيل الحسن وعطاء ، كانا يأخذان عن كلّ
أحد.
6.
قال
النسائي : وأمّا مقاتل بن سليمان كان يكذب ، وعن يحيى قال : حديثه ليس بشيء ، وقال
ابن حبان : كان يأخذ من اليهود والنصارى من علم القرآن الذي يوافق كتبهم
7.
وأمّا
الخرافات والأساطير في تفسير الكون وبدء الخليقة وأحوال الأُمم الماضية فحدث عنها
ولا حرج ، فقد ملأوا الصدور والطوامير وتأثّرت بهم طبقات من المسلمين ، ممن كتبوا
حول المواضيع السالفة.
8.
يقول
الدكتور علي سامي النشار : إنّ الحديث كان معتركاً متلاحماً وبحراً خضماً لا يعرف
السالك فيه موطن الأمان ولذلك قام أهل الحديث بمجهود رائع في محض الأحاديث وتوضيح
الصادق والكاذب منها عن طريق الرواية وفيها السند ، وعن طريق الدراية وفيها النقد
الباطني للنصوص ، ولذلك أنشأوا علم مصطلح الحديث. (نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام
- الدكتور علي سامي النشّار ج 1ص28 6 ،
الطبعة السابعة.)
9.
تلك
المرويات كانت مبثوثه في كتب الحديث لأنّ القائمين بهذا الأمر كانوا متأثرين بها ،
ولأجل ذلك تجد أحاديث التشبيه والتجسيم والجبر والرؤية وعصيان الأنبياء مبثوثة في
الصحاح والمسانيد .
1.
كان
هناك اتجاه لمقاومة تاثير هذه المجموعه ففي تاريخ الطبري, وغيره: حين تربع كعب على
ديوان عثمان ليقول لأبي ذر: (من أدى الفريضة فقد أدى ما عليه, فما كان من أبي ذر
إلا أن ضربه بمحجن كان في يده فشجه, وقال: يا ابن اليهودية ما أنت وما ها هنا..) .
2.
يكفي
اتهام الصحابة لكعب الأحبار بالكذب- من صحيح البخاري:- (باب قول النبي لا تسألوا
أهل الكتاب عن شيء)، أن معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة، وذكر كعب الأحبار
فقال: (إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك
لنبلوا عليه بالكذب)
3.
وكذبه
عمرو بن العاص، فقد روي أنه مر على كعب الأحبار، فعثرت به دابته، فقال: (يا كعب
أتجد في التوراة أن دابتي تعثر بي)الإيضاح43,-
4.
وعبد
الله بن عباس الذي تلقف منه، ورد عنه قوله لرجل مقبل من الشام: من لقيت؟ قال:
كعبا. قال: وما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: إن السماوات على منكب ملك. فقال: كذب
كعب، أما ترك يهوديته بعد! ثم قرأ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾)الكافي الشافي لابن حجر
5.
ومنعه
عمر من أن يحدث الناس وذلك في سنة 15ه قائلاً له:- (لتنتهين عن التحديث أو لألحقنك
في أرض القردة), كما عند ابن حجر في الإصابة
6.
بعد
موت كعب الاحبار ابن ماتع برز (وهب ابن المنبه) بلغ الغاية في بثّ الإسرائيليات
بين المسلمين حول تاريخ الأنبياء والأُمم السالفة ، . قال الذهبي : ولد في آخر
خلافة عثمان ، كثير النقل عن كتب الإسرائيليات ، توفّي سنة 114 وقد ضعّفه الفلاس(
سير أعلام النبلاء : ج 3ص489 ) .
7.
هو أبو
عبداالله وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن ذي كبار الأبناوي اليماني الذماري
الصنعاني الأُسواري الإخباري (المزي، جمال الدين أبو الحجاج (ت742هـ/ 1341م مؤسسة
الرسالة، بيروت، ط،1 , 1992 مجلد 31 الصفحة 140 )، تهذيب الكمال في أسماء الرجال،
35 مجلد، تحقيق: بشار عواد معروف، ) ، يقول ابن حجر هو وهب بن منبه بن كامل بن سيح
بن ذي كباز اليماني، الذماري، ، وهو من أقيال اليمن ووجه الخلاف بين كلا الاسمين
في كلمتي (سيح، وكبار)، ففي حين يرى الذهبي والصنعاني أبو عبداالله الأبناوي والمزي
أنهما سيح وكبار، يذهب العسقلاني والرازي والبخاري والدارقطني إلى أنهما سيج وكباز.
8.
وقال
في تذكرة الحفاظ : عالم أهل اليمن ، ولد سنة أربع وثلاثين وعنده من علم أهل الكتاب
شيء كثير ، فإنّه صرف عنايته إلى ذلك وبالغ ، وحديثه في الصحيحين عن أخيه
همام ( تذكرة الحفاظ ، الذهبي شمس الدين
أبو عبد الله ، تحقيق عبد الرحمن بن يحي المعلمي ، منشورات دائرة المعارف
العثمانية ، سنة النشر: 1374 هجرية الجزء
الأول الصفحة 101 ) .
9.
جاء
في تفسير ابن كثير : ج3ص339 سورة النمل حيث قال : ـ بعد ما أورد طائفة من الأخبار
في قصة ملكة سبأ مع سليمان ـ : والأقرب في مثل هذه السياقات أنّها متلقاة عن أهل
الكتاب ، ممّا وجد في صحفهم كروايات كعب ووهب ، سامحهما اللّه تعالى في ما نقلاه
إلى هذه الأُمّة ، من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب ممّا كان
وما لم يكن ، وممّا حرف وبدل ونسخ ، وقد أغنانا اللّه سبحانه عن ذلك بما هو أصحّ
منه وأنفع وأوضح وأبلغ.
10. ترجمه أبو نعيم في حلية الأولياء ترجمة
مفصلة استغرقت قرابة ستين صفحة ، وبسط الكلام في نقل أقواله وكلماته القصار (حلية
الأولياء وطبقات الأصفياء المؤلف: أبو نعيم؛ أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني،
ابو نعيم الناشر: السعادة - مصرتصوير مكتبة الخانجي ودار الفكر 1416 – 1996
11. كان وهب يفاخر بنفسه ويقول كما يروي
الذهبي ، حيث صار يعرّف نفسه بأنّه أعلم ممّن قبله ومن عاصره بقوله لبعض حضّار
مجلسه : يقولون عبد اللّه بن سلام أعلم أهل زمانه ، وكعب أعلم أهل زمانه ، أفرأيت
من جمع علمهما؟ يعني نفسه . (تذكرة الحفاظ ، الذهبي شمس الدين أبو عبد الله ،
تحقيق عبد الرحمن بن يحي المعلمي ، منشورات دائرة المعارف العثمانية ، سنة النشر: 1374 هجرية الجزء الأول الصفحة 101
) .
12. تسنّم وهب ، منبر التحدّث عن الأنبياء
والأُمم السالفة يوم كان نقل الحديث عن النبي
(صلى الله عليه واله وسلم) ممنوعاً
وأخذ بمجامع القلوب فأخذ عنه من أخذ ، وكانت نتيجة ذلك التحدّث ، انتشار
الإسرائيليات حول حياة الأنبياء في العواصم الإسلامية ،
13. وقال عنه الامام ابن كثير "سامحه
الله تعالى فيما نقله إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب
والعجائب"
14. وهب بن منبه لديه أخ هو همام بن منبه
صاحب الصحيفة الشهيرة والتي اعتبرت من أقدم صحف الحديث النبوي وأهمها واشهرها
وتحوم حولها كل الشكوك .
15. اما وهب بن منبه فقد اشتهر بالحكم
والمواعظ وكان غزير العلم في الإسرائيليات وألف كتب اشهرها قصص الأنبياء وقصص
الأخيار وكتاب القدر وكتاب الإسرائيليات واقتبسات لاتحصى نقلها عنه ابن إسحاق
والطبري وابن قتيبة وغيرهم..
16. أما الاحاديث النبوية فقد اخرج البخاري
له رواية واحدة ليست مرفوعة الى النبي عليه الصلاة والسلام. بل عن اخيه الذي انفرد
به يقول سمعت أبا هريرة يقول ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر
حديثًا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب)
17. اما في صحيح مسلم فله روايتين فقط في
باب الزكاة بنص واحد عن اثنين من تلامذته كذاك عن أخيه همام الذي انفرد به عن معاوية
مرفوعا لا تلحفوا في المسألة فوالله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني
شيئا وأنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته)
18. وجمع مروياته في الكتب التسعة بلغت 40
رواية ما بين مرفوعة وموقوفة تكاد بمجملها متواترة عن اخيه همام. لذلك اخرج له
اصحاب الكتب التسعة
19. وليته اكتفى بهذا المقدار ولم يلعب
بعقيدة المسلمين ولم ينشر نظرية الجبر التي لو ثبتت لما بقيت للشرائع دعامة ،
ويظهر من تاريخ حياته أنّه أحد المصادر لانتشار نظرية نفي الاختيار والمشيئة عن
الإنسان .
1.
سنتناول
في الجزء الثاني اثر وهب ابن منبه في ادخال عقيدة الجبر في الفكر الإسلامي ودوافعه
السياسية .
صناعة الاحاديث وخرافات وهب ابن منبه الجزء
الثاني (عقيدة الجبر )
مع وصول معاوية ابن ابي سفيان الى الحكم سنة 41
للهجرة كان يشعر بانه بحاجة الى سند ديني لتعزيز سلطته خصوصا وهو يعرف انه ممن
يسمون (الطلقاء ) وهو لاينسى كلمة علي ابن ابي طالب له عندما قال له ( ولا المهاجر
كالطليق ) لذلك بداء يبحث عن غطاء ديني لمنصبه الدنيوي وهنا ظهر دور الحاخام كعب
ابن ماتع الذي طرح عليه فكرة الجبر والارجاء والتشبيه وهي عقائد يهودية خالصة واخذ
ابن ماتع يروج "إنّ أوّل هذه الأُمّة نبوة ورحمة ، ثمّ خلافة ورحمة ، ثمّ
سلطان ورحمة ، ثمّ ملك وجبرية ، فإذا كان ذلك ، فإنّ بطن الأرض يومئذ خير من ظهرها
( حلية الأولياء : الجزء السادس الصفحة 25 ) .وترى أنّه يتنبّأ بالسلطنة ويعدّها
رحمة ، وهذا المضمون انتشر في الصحاح والمسانيد بكثرة ، وقد روى الترمذي ، قال :
قال رسول اللّه صلىاللهعليه وآله وسلم : « الخلافة في أُمّتي ثلاثون
سنة ثمّ ملك بعد ذلك ». و روى أبو داود قال : قال رسول اللّه صلىاللهعليه
وآله وسلم : « خلافة النبوّة ثلاثون سنة ثم يؤتي اللّه الملك من يشاء
». ومنه اخذ أبو هريرة تلك الفكرة ـ فكرة الملك ـ جاءت في روايات أبي هريرة ،
قال : الخلافة بالمدينة والملك بالشام.)المستدرك
على الصحيحين - الحاكم النيسابوري - ج 3-
الصفحة 72 . وعلى هذا الأساس تبنى معاوية فكرة انه لامانع لما أعطيت ولا معطي لما
منعت ولاينفع ذي الجد منك الجد وجعل هذه الفكرة أساس لحقه الإلهي في السلطة . ولجاء
من اجل تثبيت هذه العقيدة الى القصص والاحاديث .
1
. يقول
الدكتور علي سامي النشار : إنّ الحديث كان معتركاً متلاحماً وبحراً خضماً لا يعرف
السالك فيه موطن الأمان ولذلك قام أهل الحديث بمجهود رائع في محض الأحاديث وتوضيح
الصادق والكاذب منها عن طريق الرواية وفيها السند ، وعن طريق الدراية وفيها النقد
الباطني للنصوص ، ولذلك أنشأوا علم مصطلح الحديث. ( نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام : ج 1ص28 6 ، الطبعة السابعة.)
2
قال
القاضي عبدالجبار في (المغني في أبواب العدل والتوحيد): أظهر معاوية أن ما
يأتيه بقضاء الله ومن خلقه، ليجعله عذراً في ما يأتيه ويوهم أنه مصيب فيه، وأن الله
جعله إماماً وولاّه الأمر، وفشا ذلك في ملوك بني أمية
2.
كذلك
قال القاضي عبد الجبار في كتابه ( شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص: 332) " عن أبي علي الجبائي:
"أن أول من قال بالجبر وأظهره، معاوية، وأنه أظهر أن ما يأتيه بقضاء الله،
ومن خلقه، ليجعله عذرا فيما يأتيه، ويوهم أنه مصيب فيه، وأن الله جعل إماما وولاه،
وفشا ذلك في ملوك بني أمية. وعلى هذا القول قتل هشام بن عبد الملك غيلان "
3.
يقول
الأستاذ علي سامي النشار: "وقد ذهب بعضهم إلى القول بأن قرّاء الشام أعلنوا
فكرة الجبر المطلق، وأنها التفسير الوحيد للنصوص القرآنية، فعلوا ذلك إرضاءً
للخليفة المغتصب (يقصد الخليفة الأموي)، وأمر الخليفة عُماله في مختلف بقاع العالم
الإسلامي بنشر الفكرة، وأخْذ الناس بها، فليؤمن بها الكبير قَسْرًا، وليَرْضَعْها
الصغير ويَحْبُ بها ومعها، لتذلّ أعناق الناس لهم بالجبر الإلهي، ويخضعوا لحكمهم
على أنه قدَرٌ عليهم أَزَلاً. فلما أنكر القدرية ذلك، ودعوا إلى مذهب الإرادة
الحرة في الاختيار، حاربهم الأمويون"( نشأه الفكر الفلسفي في الإسلام.).
4.
يقول
الدكتور محمد صالح السيد: "كما يبدو أن للجو السياسي في عصر بني أمية أثره في
تيار الجبر واستغله بعض حكام بني أمية في القول بأن جميع ما يقع من أفعال إنما هو
بقدر الله تعالى فأدت مغالاة الجبرية في أقوالهم إلى ظهور تيار نفاه القدر أو
الحرية .
(عمرو بن عبيد وآراؤه الكلامية) .
5.
يقول
الدكتور سامي النشار: “كان معاوية يعلن الجبر في الشام. ثم حدث رأي المجبرة من
معاوية، لما تولى على الأمر ورآهم لا يأتمرون بأمره..فقال لم يرني ربي أني أهلا
لهذا الأمر، ما تركني وإياه. ولو كره الله ما نحن فيه لغيره..إنما قاتلتكم على أن
أتأمر عليكم. وقد أمرني الله عليكم”(. نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، م س،
ج1 ص 231-232. )
6.
قتل
الأمويون الكثير من المسلمين ظلما وعدوانا، ونهبوا أموالهم تحت ذريعة هذه العقيدة
الفاسدة التي لم تكن سوى دعوة سياسية تم استخدامها ضد خصومهم خصوصا من العلويين.
7.
معاوية
لما نصب ولده يزيد خليفة على رقاب المسلمين سألته أم المؤمنين عائشة رض في ذلك
فأجابها. “إن أمر يزيد قضاء من القضاء وليس للعباد الخيرة من أمرهم”( الإمامة
والسياسة لابن قتيبة، ج1 ص167.)
8.
ونسب
يزيد أيضا قتل الإمام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه في كربلاء إلى القضاء والقدر
المحتوم .
9.
هذا
الاتجاه كان لابد من احاطته بهالة دينية وفي غياب الحاخام كعب الاحبار ابن ماتع
ظهر وهب ابن المنبه الذي يقول فيه الذهبي
"ورِوايته للمسند قليلة، وإنما غَزارة علمه في الإسرائيليات، ومن صَحائف أهل
الكتاب" .
10. كان وهب ابن منبه بارعا في وضع
الاحاديث التي تناسب المزاج الاموي فعندما لاحظ ان حكام الامويين يعجبهم كثرة
الاكل وضع لهم حديثا يرويه ابن سعد في الطبقات الكبرى الجزء الثالث الصفحة 242
يقول (أخبرنا عفان بن مسلم وعمرو بن عاصم الكلابي قالا أخبرنا همام قال
أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال حدثني أنس أنه رأى عمر أكل صاعا
من تمر بحشفه) .
11. عندما لاحظ وهب سعي الامويين في نشر
الجبر بين المسلمين والذي اخذوه من كعب بداء يتحدث في الجبر .
12. يروى حماد بن سلمة عن أبي سنان قال (سمعنا
وهب بن منبه قال : كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتاباً من كتب الأنبياء
في كلّها : من جعل لنفسه شيئاً من المشيئة فقد كفر ، فتركت قولي).والمراد من القدر
في قوله : « كنت أقول بالقدر » ليس القول بتقدير اللّه سبحانه وقضائه ، بل المراد
هو القول بالاختيار والمشيئة للعبد كما يظهر من ذيل كلامه.
13. وهذا النقل يعطي أنّ القول بنفي القدر
والمشيئة للإنسان ، قد تسرب إلى الأوساط الإسلامية ، عن طريق هذه الجماعة وعن الكتب
الإسرائيلية.
14. قال
عنه عبدالعزيز الدوري "لم يكن وهب ً دقيقا بل انه لم يترفع عن الادعاء
الكاذب" (الدوري، عبدالعزيز، نشأة علم التاريخ عند العرب، الأعمال الكاملة
للدكتور عبدالعزيز الدوري ،2 مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط،1 ،2005 ص.24 )
15. وقال
عنه جواد علي " إنه لم يكن على ما يظهر من الروايات المنسوبة إليه يتورع من
التلفيق؛ ليثبت أنه كان صاحب علم بأحوال ؛الماضين وبما سيكون، شأنه في ذلك شأن
زميليه كعب الأحبار وابن سلام (علي، جواد، موارد تاريخ الطبري، مجلة المجمع العلمي
العراقي، العدد،1 سبتمبر 1950 (ص231-143)
16. في
كتاب معجم الأدباء ّ لياقوت الحموي يرى أن وهب بن منبه "كثير النقل من الكتب
القديمة المعروفة بالإسرائيليات (الحموي، معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة
الأديب، ج،6 ص.2802) .
17. كان وهب يتباهي بعلمه بالكتب القديمة امام
العرب فيحسبونه عالم زمانه ,وكان وهب يمتدح نفسه بخيلاء فهو يدعي انه جمع علم كعب الاحبار
وعلم عبدالله بن سلام ذكر الذهبي قوله ( يقولون عبد الله بن سلام اعلم اهل زمانه
وكعب اعلم اهل زمانه ,افرأيتم من جمع علمهما ؟) يعني نفسه بطبيعة الحال ( تذكرة
الحفاظ للذهبي ج1 ص 101)
18. روى
ابن سعد قول وهب (لقد قرأت ثلاثين كتابا , نزلت على ثلاثين نبيا) الطبقات لابن
سعد ) علاه بطبيعة الحال هذه الكتب ليست اكثر من اسفار التوراة .
19. كان
لظهور عقيدة الجبر اثر في تبني القوى المعارضة للامويين وخصوصا في البصرة لفكرة
القدر وأول من قال بهذه الفكرة في البصرة (سنسويه البقال ) ويدعوه البعض سوسن
البقال قال الأوزاعي: (أول من نطق في القدر رجل من أهل العراق يقال له: سوسن كان
نصرانياً فأسلم ثم تنصر، فأخذ عنه معبد الجهني وأخذ غيلان عن معبد". ( تاريخ الإسلام - الذهبي - ج 6 - الصفحة 201 ) .
20. اما في الشام كان عمر المقصوص كان أول
من قال بالقدر وقد استطاع أن يؤثر بفكرته على معاوية الثاني. يقول المقدسي عن
معاوية هذا: “وكان قدريا لأنه أشخص عمرا المقصوص فعلمه ذلك فدان به وتحققه، فلما
بايعه الناس قال المقصوص: ما ترى؟ قال: إما أن تعتدل وإما أن تعتزل”، فاعتزل
معاوية، ولكن الأمويين ألقوا تبعة ذلك على المقصوص فقتلوه قتلة بشعة بأن دفنوه حيا
( البدء والتاريخ للمقدسي، ج1، ص16-17.) .
21. أما غيلان الدمشقي كان ممن ينكرون نسبة
معاصي العباد إلى الله، حيث وافقه في ذلك مجموعة من العلماء من أبرزهم الحسن
البصري، وأبو الأسود الدؤلي، ومطرف بن عبد الله .
22. عندما تولى عمر ابن عبد العزيز الملك
ارسل خلف غيلان وهدده كما يروي ابي الحسين محمد ابن احمد الملطي في كتابه المعنون
(التنبيه والرد على أهل الأهواء) بيروت طبعة 2009 ( فقال له عمر والله لئن بلغني انك تكلمت في شيء منه (أي القدر
) لاجعلنك للناس او للعالمين نكالا فلم يتكلم في شيء حتى مات عمر ) ( التنبيه والرد على أهل الأهواء للملطي ص 128
23. فلما تولى هشام بن عبد الملك الملك قام
بتعذيب غيلان فقطع يديه ورجليه، ثم قال تشفيا ومكرا: كيف ترى ما صنع بك ربك؟!
مشيرا إلى مذهب الجبر الذي كان غيلان يناهضه، فيجيبه غيلان وهو في تلك الحال: لعن
الله من صنع بي هذا، ثم يلتفت إلى الناس ويقول وهو يقصد الأمويين: قاتلهم الله !
كم من حق أماتوه، وكم من باطل قد أحيوه، وكم من ذليل في دين الله أعزوه، وكم من
عزيز في دين الله أذلوه!! فيقول الناس لهشام: قطعت يدا غيلان ورجليه وأطلقت لسانه!
إنه قد أبكى الناس ونبههم على ماكانوا عنه غافلين! فيقطع هشام لسانه، وتنتهي حياة
غيلان.
صناعة الاحاديث
وخرافات وهب بن منبه الجزء الثالث – مرويات ابن منبه
في هذا الجزء
نتناول نماذج من الروايات التي دسها ابن منبه في التراث الإسلامي وكيف تحولت فيما
بعد الى احاديث منسوبه ال ى النبي مثل حديث (الاريكه ) وقصة ابرهة وفيله محمود
وكيف ان ابن منبه حتى في نقله عن العهد القديم كان يكذب مستغلا جهل من كان يستمعون
اليه ويصدقونه وكيف كان يأخذ بأسلوب الاسفار لخلق روايات ونبؤات لأغراض سياسية مثل
نبؤة (اشج بني امية ) .
1.
القضاة كانوا يعملون بأمرٍ من السلطة على تحديث الناس
بالقصَص، مضافاً إلى اشتغالهم بمنصب القضاء. وأوَّل من باشر في مصر بتحديث الناس بالقصص
سليمان بن عتر التجيبي وذلك سنة 38 هجرية. وكان معاوية قد جعله قاضياً ومحدِّثاً للناس
بالقصص، ثمَّ عزله عن القضاء وجعله موظفاً في تحديث الناس بالقصص فقط) أحمد
أمين، فجر الإسلام, الطبعة العاشرة, بيروت, دارالكتاب العربي, 1944م, صفحة
160).
2.
كان كلٌّ من عبد الله بن سلام، وكعب الأحبار ووهب
ابن منبه من الذين قاموا بدورٍ مهمٍّ في تحديث الناس بقصَص الأنبياء وأساطير الأمم
السالفة، وشيئاً فشيئاً بدأت تظهر آثار ذلك في الروايات التفسيريّة.
3.
من القصص التي دسها الحاخام كعب الاحبار ابن ماتع
نتيجة لتشجيع عمر ابن الخطاب له قصة ان الذبيح هو إسحاق وليس إسماعيل فيذكر ابن كثيرٍ
في تفسير القرآن العظيم سورة الصافات الآية 105: (روى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي
بكر عن الزهري عن أبي سفيان بن العلاء بن جارية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
كعب الأحبار أنه قال: هو إسحاق. وهذه الأقوال والله أعلم كلها مأخوذة عن كعب
الأحبار؛ فإنه لما أسلم في الدولة العمرية، جعل يحدث عمر رضي الله عنه عن
كتبه قديماً، فربما استمع له عمر رضي الله عنه، فترخص الناس في استماع ما
عنده، ونقلوا ما عنده عنه؛ غثها وسمينها، وليس لهذه الأمة ــــ والله أعلم ـــ
حاجة إلى حرف واحد مما عنده) .
4.
كان من القضاة القصاصين أيضا وهب بن منبه
الأبناوي الصنعاني الذماري، وكان يقص عن الكتب القديمة،. أصله من أبناء الفرس
الذين بعث بهم كسرى إلى اليمن. وأمه من حمير. ولد ومات بصنعاء وولاه عمر بن عبد
العزيز قضاءها. وكان يقول: سمعت اثنين وتسعين كتابا كلها أنزلت من السماء، اثنان
وسبعون منها في الكنائس، وعشرون في أيدي الناس لا يعلمها إلا قليل
5.
من كتبه (ذكر الملوك المتوجة من حمير وأخبارهم
وقصصهم وقبورهم وأشعارهم) رآه ابن خلكان في مجلد واحد، وقال: هو من الكتب المفيدة.
وله (قصص الأنبياء –خ) و (قصص الأخيار) ذكرهما صاحب كشف الظنون.
6.
عدد الروايات التي وردت على لسان وهب بن منبه ثمانية
وأربعون رواية، ذكرها الطبري في الجزأين الأول والثاني من كتابه تاريخ الرسل
والملوك.
7.
ورد في كتاب تاريخ الرسل والملوك (47) رواية تحمل
اسم وهب بن منبه، منها (44) رواية على لسانه، وروايتان تشيران إلى تشابه رواية وهب
مع الرواية المذكورة، والأخيرة تذكر وفاته على لسان الطبري نفسه.
8.
توافقت روايات وهب بن منبه مع نص العهد القديم في
14 أربع عشرة رواية مع وجود اختلافات بين إضافة ونقصان، وهذه الروايات
9.
ذكر ابن منبه إحدى عشرة رواية متأخرة عما هو في
نص العهد القديم؛ فهي تتحدث عن مريم عليها السلام، عيسى عليه السلام، والحواريين .
10.
هناك مجموعة من الروايات التي وردت على لسان وهب بن منبه، وليس لها
اصل في العهد القديم .
11. ذكر
موضوع الشجرة التي اكل منها ادم في روايتين مرة يقول أن الملائكة تأكل منها، وفي
رواية أخرى يغير الكلام ويقول ويقول "يفعل االله ما يشاء". ّ أن
الملائكة تأكل منه ّ .
12. ورد
على لسان وهب أن سام أبو العرب وفارس والروم. بينما نجده في العهد القديم أبو بني
عابر، وعيلام، وأشور وأرفكشاد، ولود، وأرام. كذلك حام في الطبري على لسان وهب أنه
أبو السودان. ونجده في العهد القديم أبو كوش، ومصرايم، وفوط، وكنعان. أما يافث فقد
ورد على لسان وهب أنه أبو الترك، ويأجوج ومأجوج. ونجد في العهد ّ القديم أنه أبو جو مر، ومأجوج، وماداي، ويادان،
وتوبال، وماشك، وتيراس.
13. اختلاف
في بعض الأسماء بين نص العهد القديم ونص وهب بن منبه، ففي حين يذكر (جم) في نص
العهد القديم، يرد (لامك) في نص وهب، ويذكر (عابر بن شالح) في نص العهد القديم، و يرد
(هود) في نص وهب .
14. هناك
تناقض في بعض الروايات مع نص العهد القديم، ففي الرواية يقول نص وهب أن الخضر قبل موسى
نجد في نص العهد القديم أن موسى قبل الخضر. ويرد نص وهب أن كالب بن يوفن كان قبل
حزقيل بن بوذي، وفي نص العهد القديم يرد كالب بن يوفن بعد حزقيل بن بوذي.
15. العجيب ان الذهبي يذكر عن ابن منبه انه
كثير النقل من كتب الإسرائيليات ..ولكنه يوثقه بقوله " كان ثقة صادقا "
واعتمدت أفكاره في العقيدة الإسلامية التي كتبها بيده من الإسرائيليات
16.
يقول الشيخ رشيد رضا عن مرويات عمر الدنيا” قد
علمت من هذه النقول أنه ليس في عمر الدنيا حديث مرفوع صحيح ولا حسن، وأن الروايات
فيه إما ضعيفة وإما موضوعة، والراجح أن كل ما ورد فيها من مرفوع وموقوف ومن
الآثار؛ فهو من الإسرائيليات التي بثها في الأمة كعب الأحبار ووهب بن منبه
وأمثالهما، ولو فطن الحافظ ابن حجر لدسائسهما وخطّأ من عدلهما من رجال الجرح
والتعديل لخفاء تلبيسهما عليهم لكان تحقيقه لهذا البحث أتم وأكمل” (تفسير المنار
9/ 401)
17. اعتمد أسلوب
وهب ابن منبه في دس الخرافات
+
على البُعد عن التعليل والتحليل مثل ما فعل في دسه قصة ابرهة وفيله محمود فلم يذكر
القران شخص اسمه ابرهة ولم يذكر ان فيله اسمه محمود حتى جاء ابن منبه فاستعار
الاسم من اكثر شخص يكرهه يهود اليمن وهو (ابرهة ابن الصباح ) الذي نشر المسيحية في
اليمن لأنه طبقا للنقوش التي تركها أبرهة في اليمن بما في ذلك النقوش التي تركها
على سد مأرب وبقايا سد مأرب، كان مسيحيا وهو يكتب نقوشه بالخط المسند اليمني على
جدران وبقايا سد مأرب كتب: بسم الرب المسيح أو بسم المسيح الرب.."
توفي عام 555 ميلادي وليس 570 . كذلك النقش الذي عُثر عليه في مريغان بمنطقة تثليث
الواقعة في جنوب غرب المملكة. والذي جاء فيه:"بقوة الرحمن ومسيحه، الملك أبرهة،
زبيمان، ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت واليمامة، والقبائل العربية في المرتفعات والسواحل،
كتب هذا النقش عندما غزا قبيلة معد... عندما ثارت كل قبائل بني عامر، وعين الملك
القائد أبي جبر... وحضروا أمام الجيش ضد بني عامر...، وذبحوا وأسروا وغنموا بوفرة،
ورجع أبرهة بقوة الرحمن في شهر ذو علان في السنة الثانية والستين وستمائة". أكد النقش على عودة أبرهة سالماً من حملته، كما أن أسماء القبائل
والمدن المذكورة في النقش، لم تتضمن قريش أو مكة على الإطلاق. وبالإضافة إلى كل
ذلك، فإن النقش قد حدد توقيت الحملة بعام 662 من التقويم السبئي، والذي يناظر سنة
552 من التقويم الميلادي، وهو ما يسبق عام 570م . بالإضافة الى ذلك لم يتوقف احد
لسوال لماذا يسمي شخص (حبشي ) ( مسيحي ) فيله باسم ( محمود ) كما يروي ابن منبه الم
يطرق ذهنهم انه يشير الى اسم (محمد) .
+ تسييس
النص المقدس وربطه بالنبوءات والغيبيات مثل رواية نبؤة عمر ابن الخطاب (بقدوم اشج
بني امية الذي يحكم بالعدل ) وهنا الإشارة الى عمر ابن عبد العزيز الذي كافاء ابن
منبه بتعيينه قاضيا على صنعاء . ، وبهذا المنهج تاثر بمنهج تدوين سفري “أشعياء وحزقيال” في الكتاب
المقدس، وهذا السمة يمكن تسميتها (بالأسطرة السياسية)؛
+ ربط
الجمهور بالقادة وخلق أبطال دينيين في سياق القصة والحكاية مثل مايرويه عنه الطبري
أنواعاً من الإسرائيليات تكفي للتدليل على أن ثقافة وهب يهودية تلمودية. فمما رواه
في تاريخه (1|343) عن ابن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول :
من الصخرة إلى السماء، فقال داود: هذا مكان ينبغي أن يبنى فيه مسجد. فأراد داود أن
يأخذ في بنائه فأوحى الله إليه أن هذا بيت مقدس وأنك قد صبغت يدك في الدماء فلست
ببانيه، ولكن ابن لك أملكه بعدك أسميه سليمان أسلمه من الدماء، فلما ملك سليمان
بناه وشرفه .
+ تقسيم
العلم إلى خاصة وعامة، فيُقدمون الكليات للناس ويكتمون الخاصة وكانت هذه بداية
بذرة الحديث المكذوب الذي نسبوه للرسول (ألا إني أوتيت القرآن ومثـله معه ... الخ
) او ما يسمى حديث الاريكة والذي هو يعارض القران نفسه ولكن عندما تسال اين هذا (
الذي مثل القران ) ؟ لا احد يجيب . وهنا يذكرنا باحبار اليهود الذين لم يكنفوا بالتوراة،
بل أضافوا إليها كُتُب النبوئيم (أسفار الأنبياء) والكتوبيم (أسفار الرهبان)، ثم
أطلقوا وصف (التناخ) على الثلاثة، فيصبح التناخ هو مجموع (التوراة – والكتوبيم –
والنبوئيم) علاوة على تقديس كتب المدراش والتلمود؛ وهي مجموع تفاسير التناخ
وأحاديث وتواريخ الأنبياء وشروحها.
+ التفاخر
بالنسب والسلالة والقبيلة، فبدل “شعب الله المختار”، اصبح هناك قريش التي لايكون
الحكام الا منها والتي وجدت جذورها في مقولة عثمان بن عفان: “لا أخلع قميصًا
سربلنيه الله”؛ ردًا على الثوار الذين طالبوه بالتنحي؛ فعثمان كمعاوية؛ كانا يريان
أن مُلكهما بإرادة إلهية مطلقة، وليس مجرد سلطة دنيوية زمنية، وهذا الخط الفكري هو
الذي ساد طوال الحقبة الأموية لمدة 90 عامًا. مثل ما روى له الطبري (1|337) قصة
طويلة عن طالوت وجالوت، فقال الطبري
معلقاً عليها: «وفي هذا الخبر بيان أن داود قد كان
الله حَوَّلَ المُلك له قبل قتله جالوت، وقبل أن يكون من طالوت إليه ما كان من
محاولته قتله. وأما سائر من روينا عنه قولاً في ذلك، فإنهم قالوا إنما ملك داود
بعد ما قتل طالوت وولده».
قلت: وهذا يدل
على أنه غير صادق في نقله عن الإسرائيليات.
+ نسب
بعض اخبار الاسرائيليات الى كتاب التيجان في ملوك حِميَر (حِميَر - هي اخر مملكة
يمنية قبل الإسلام) وتحديدا الى وهب بن منبّه ولكن الملفت للنظر العبارة التي كتبت
بعد بسملة الكتاب:(حدثنا ابو محمد عبد الملك ...... عن .....
عن ...... عن جده لامه وهب ابن منبه، قرأت ٩٣ كتاب انزل الله على الأنبياء ووجدت
ان مجموع الكتب التي انزل الله على الأنبياء هي ١٦٣). يقول رشيد رضا عن وهب وكعب: «إنهما
كانا كثيرا الرواية للغرائب التي لا يُعرف لها أصل معقول ولا منقول.
تعليقات
إرسال تعليق