أكاذيب صنعت ابطال مزيفين 7 - ضرار ابن الازور السكير الزاني الذي حولوه الى بطل
الدكتور زهير جمعة المالكي
نظرة سريعة
الى حالة التخلف والانحطاط وفوضى وجهل غير مسبوق الذي نعيشه اليوم يوصلنا
الى نتيجة ان كل هذا هو نتيجة صناعة البطولات والانتصارات الوهمية التي أوهمنا بها
الأبطال الورقيون والتي عملت ماكنة الجهل
ووعاظ السلاطين على زرعها في اذهان الأجيال المتعاقبة ومن هذه الأكاذيب التي صنعت
ابطال مزيفين اكذوبة ضرار ابن الازور واخته خولة . فقد عمدت ماكنة الاعلام السلفية
الى تحويل شخصية قاتل وزاني وسكير الى بطل وخلق شخصية اخته خولة من العدم في حين
ان كتبهم لم تتفق على اسمه ولا على نسبه ولا على وفاته . ولكن دور هذه الشخصية باعتباره
جزء من مجموعة الاغتيالا ت التي كان يقودها اليهودي الذي اسلم (محمد ابن مسلمة) هو الذي دعى التي تفخيمها وخلق
قصص خرافية عن دور ضرار في معارك اجنادين واليرموك بالرغم من ان ضرار قتل قبل تلك
المعارك بزمن حيث قتل في اليمامة ومنهم من قال انه مات بعد غزو بني اسد .
بالنسبة
لاسمه فقد ذكر ابن حجر العسقلاني في الإصابة في معرفة الصحابة ان اسمه عبد بن
الازور وضرار لقبه وكذلك ذكر ذكر ابن الاثير في اسد الغابة " عبد بن
الأزور عَبْد بْن الأزور وقيل ضرار بْن الأزور وهو الأشهر روى ماجد بْن مروان،
حَدَّثَنِي أَبِي، عن أَبِيهِ، عن عَبْد بْن الأزور، قَالَ: أتيت النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما وقفت بين يديه أنشدته: تَقُولُ جميلة فرقتنا
وصدعت أهلك شتى شمالًا -تركت القداح وعزف القيا نة والحمر مصلية وابتهالًا. وقدم
تقدم ذكره فِي ضرار.أَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى عَبْد: غير مضاف إلى اسم آخر. " ذكر
ابن منده وابن عبد البر بان اسمه (ضِرَار بن الأَزْوَر)
كما اختلفوا في اسمه فقد اختلفوا في
نسبه فقد قال ابن عبد البر وابن منده وابا نعيم " واسم الأَزور مالك بن أَوْس
بن جَذِيمة بن رَبِيعة بن مالك بن ثعلبة بن دُودَان بن أَسَد بن خُزَيمة. ونسبه
أَبو عمر نسبًا آخر، فقال: ضرار بن الأَزور بن مِرْداس بن حَبِيب بن عَمْرو بن
كَثِير بن عَمْرو بن شَيْبان الأَسَدِيّ، والأَول أَشهر)) أسد الغابة. ((اسم
الأزور مالك بن أوس بن جَذيمة بن ربيعة بن مالك بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسَد
بن خُزيمة.)) الطبقات الكبير. ((عَبْد بن الأزور بن مِرْدَاس الأسدي، أخو ضِرَار
بن الأزور ـــ الذي تقدم.)) ((قد قيل: إنه هو ضرار، وإن اسمه عَبْد، وضِرَار لقب،
ثم قال أبو موسى: وعَبْد بن الأزور هو الذي قتل مالك بن نُويرة بأَمْر خالد بن
الوليد.)) الإصابة في تمييز الصحابة. كذلك اختلفوا في كنيته فقد ذكر ابن عبد البر " يُكْنَى
أبا الأزور الأسديّ. ويقال أَبو بلال، والأول أكثر.
اتفق كل من ذكر
ابن الازور على انه هو الذي قتل مالك ابن نويره بامر من خالد ابن الوليد ما رواه المتقي الهندي – كنز العمال – الجزء : ( 5 )
– رقم الصفحة : ( 619 ) "14091 – عن إبن أبي عون وغيره : أن خالد بن الوليد
أدعي أن مالك بن نويرة إرتد بكلام بلغه عنه ، فأنكر مالك ذلك ، وقال : أنا على
الإسلام ما غيرت ولابدلت وشهد له بذلك أبو قتادة وعبد الله بن عمر فقدمه خالد وأمر
ضرار بن الأزور الأسدي فضرب عنقه ، وقبض خالد إمرأته ، فقال لأبي بكر : إنه قد
زنى فإرجمه ، فقال أبوبكر : ما كنت لأرجمه تأول فأخطأ ، قال : فإنه قد قتل
مسلماً فإقتله ، قال : ما كنت لأقتله تأول فأخطأ ، قال : فإعزله ، قال : ما كنت
لأشيم سيفاً سله الله عليهم أبداً" . قال
ابن سعد " ضرار
بن الأزور، واسم الأزور مالك بن أوس بن جذيمة بن ربيعة بن مالك ابن مَالِكِ بْنِ
ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدٍ بن خزيمة. وكان فارسا وأسلم. وروى عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث اللقوح: (دع داعي اللبن). وقاتل ضرار بن الأزور يوم اليمامة أشد القتال حتى
قطعت ساقاه جميعا، فجعل يحبو على ركبتيه ويقاتل، وتطؤه الخيل، حتى غلبه الموت. وقَالَ: قَالَ
محمد بن عمر. قَالَ عبد الله بن جعفر: مكث ضرار بن الأزور باليمامة مجروحا قبل أن
يرحل خالد بن الوليد بيوم، فمات. وقد كان قَالَ قصيدته التي على الميم. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهَذَا أَثْبَتُ
عِنْدَنَا من غيره (الطبقات الكبرى الجزء السادس الصفحات 112 -113 ) .
اختلف في وفاة ضرار بن الأزور t،
قال ابن عبد البر: قتل ضرار بن الأزور يوم أجنادين في خلافة أبي بكر. وقال غيره:
توفي ضرار بن الأزور في خلافة عمر بن الخطاب بالكوفة.وذكر الواقدي قال: قاتل ضرار
بن الأزور يوم اليمامة قتالاً شديدًا حتى قطعت ساقاه جميعًا، فجعل يحبو على ركبتيه
ويقاتل، وتطؤه الخيل حتى غلبه الموت. وقد قيل: مكث ضرار باليمامة مجروحًا ثم مات
قبل أن يرتحل خالد بيوم. قال: وهذا أثبت عندي من غيره (ابن عبد البر: الاستيعاب في
معرفة الأصحاب 1/)225. مما يؤكد مقتل ابن الازور
قبل معارك الشام ما رواه بن حجر العسقلاني - الإصابة
في تمييز الصحابة - حرف الضاد المعجمة القسم الأول - الضاد بعدها الراء - 4192 -
ضرار بن الأزور الجزء
: ( 3 )" 4192 – ضرار بن
الأزور ، وإسم الأزور مالك بن أوس بن جذيمة بن ربيعة بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن
أسد بن خزيمة الأسدي أبو الأزور ويقال : أبو بلال ، قال البخاري وأبو حاتم وابن
حبان : له صحبة ، وقال البغوي سكن الكوفة .... واختلف في وفاته ، فقال الواقدي :
استشهد باليمامة ، وقال موسى بن عقبة : بأجنادين وصححه أبو نعيم ، وقال أبو عروبة
الحراني نزل حران ومات بها ، ويقال شهد اليرموك وفتح دمشق ، ويقال مات بدمشق
.... وأخرجه يعقوب بن سفيان مطولا من هذا الوجه ، فقالت
: كان خالد بعث ضرارا في
سرية فأغاروا على حي من بني أسد فأخذوا امرأة جميلة فسأل ضرار أصحابه أن يهبوها له
ففعلوا فوطئها ، ثم ندم فذكر ذلك لخالد ، فقال : قد طيبتها لك ، فقال : لا حتى
تكتب إلى عمر فكتب ارضخه بالحجارة ، فجاء الكتاب وقد مات ، فقال خالد :
ما كان الله ليخزي ضرارا " أي ان ضرار مات في غزو بني اسد .
كذلك يروي البيهقي -
السنن الكبرى -
كتاب السيرجماع أبواب
السير - باب إقامة الحدود في أرض الحرب الجزء
: ( 9 ) - رقم الصفحة (177
) "18222 - أخبرنا : أبو الحسين بن الفضل القطان ، أنبأ : عبد الله
بن جعفر بن درستويه ، ثنا : يعقوب بن سفيان ، ثنا : الحسن بن الربيع ، ح وأخبرنا :
أبو نصر بن قتادة ، أنبأ : أبو الفضل بن خميرويه ، أنبأ : أحمد بن نجدة ، ثنا :
الحسن بن الربيع ، ثنا : عبد الله بن المبارك ، عن كهمس ، عن هارون بن الأصم ، قال
: بعث عمر بن الخطاب (ر) خالد بن الوليد في جيش ، فبعث خالد ضرار بن الأزور في
سرية في خيل فأغاروا على حي من بنى أسد ، فأصابوا امرأة عروسا جميلة فأعجبت
ضرارا فسألها أصحابه فأعطوها إياه فوقع عليها ، فلما قفل ندم وسقط به في يده فلما
رفع إلى خالد اخبره بالذي فعل ، فقال خالد : فانى قد أجزتها لك وطيبتها لك ، قال :
لا حتى تكتب بذلك إلى عمر فكتب عمر أن ارضخه بالحجارة فجاء كتاب عمر (ر) وقد توفى ،
فقال : ما كان الله ليخزى ضرار بن الأزور". ان موت ضرار في غزوة بني اسد تفضح كل الأكاذيب التي
تنشرها المصادر التراثية عن الفارس العريان والشيطان عاري الصدر والفارس الذي هزم
جيش بصدره العاري .
اما بالنسبة
لشخصية اخت ضرار والمسماة (خولة بنت الازور ) فهذه الأخبار
لم ترد بأسانيد معتمدة، وإنما غاية ما فيها أنها وردت في كتاب منسوب إلى عالم
بالأخبار وهو الواقدي، والواقدي رغم شهرته بالأخبار والتواريخ إلا أن مروياته
يستأنس بها إذا ما وجد ما يعضدها، لكنه هو نفسه ليس بحجة. ومع أن أبواب المغازي
والسير والتواريخ، مما احتاج الناس فيه إلى الواقدي، واعتمدوا نقله ورايته ،
وأكثروا من التعويل عليه فيها؛ إلا أن هذا الكتاب الذي ذكرت فيه هذه القصص
"فتوح الشام" لم تصح نسبته إلى الواقدي فتقول منى الحسن في الموسوعة العربية المجلد:
المجلد الثاني عشررقم الصفحة ضمن المجلد : 385" أما شخصية خولة بنت الأزور وما يُعرف
عنها من شجاعة وبسالة وأنها أنقذت أخاها ضراراً من أسر الروم، فهذا كله من نتاج
الخيال الشعبي إبان ضعف الأمة وتهديدها بالغزو الخارجي، فكان ماضيها الذهبي ملاذاً
تلجأ إليه وتحتمي فيه، لذلك كانت السيرة الشعبية الوسيلة التي تلبي الحاجات
النفسية لفئات واسعة من الشعب."
قال محمد محمد حسن شراب:" وفي عهد
الضعف يكثر الخلق الفني لشخصيات خيالية، أو تضخيم شخصيات كان لها شأن يذكر في باب
الشجاعة. ويبدو لي - والله أعلم - أن عصور الضعف التي حلت بالعرب المسلمين، هي
التي ضخمت شخصية عنترة بن شداد، ومن لفّ لفّه من القصص الشعبي، وهي قصص رمزي يصنعه
أهل الغيرة على الوطن، لحثّ الناس على الجهاد، وربما ألفّوا كتبا ونسبوها إلى
شخصيات حقيقية في زمن سابق، كما فعلوا في كتاب "فتوح الشام" الذي نسبوه
إلى الواقدي، وليس له صلة بالواقدي وإنما صنعه المؤلفون، ووضعوا فيه تاريخ فتح
الشام بصورة تمزج الخيال بالواقع ، لحث الناس على طرد الصليبيين من بلاد الشام
التي تضمخت بدماء الصحابة الفاتحين.وربما كان من الشخصيات التي جمعت بين الحقيقة
والخيال: شخصية ضرار بن الأزور وأخته خولة، لأن ضرار بن الأزور قتل أيام حرب
الردّة، فكيف يشارك في فتح الشام؟ " انتهى، من "شرح الشواهد الشعرية" (3 / 283). وقال
الشيخ مشهور حسن آل سلمان " وقد بحث الأستاذ عبد العزيز الرفاعي هذه المسألة
في كتاب " خولة بنت الأزور" وخلص إلى ما توصلنا إليه، وعرَّج على كتاب
"فتوح الشام"، وشكك في صحة نسبته للواقدي أيضا معتمدا على أن أسلوب
الكتاب يخالف أسلوب الواقدي المعروف، وقال عن هذا الكتاب بأنه أشبه بكتاب لسرد
الأساطير والحكايات، وفيه تناقض وتباين في المعلومات، ثم توصل إلى أنّ الكتاب إنْ
كان للواقدي؛ فقد حصل فيه زيادات وتشويه" انتهى، من "كتب حذر منها
العلماء" (2 / 291 - 292).
ومما يؤيد أن هذه القصة لم ينقلها الواقدي،
هو أن تلميذه وكاتبه والمكثر من الرواية عنه، ابن سعد قد ترجم لضرار بن الأزور،
ولم يشر قط إلى وجود أخت له، فلو كانت قصصها عند الواقدي لأشار إليها، بل نقل عن
الواقدي أنه صححّ القول بموت ضرار قبل اليرموك أثناء حروب الردة في عهد أبي بكر
رضي الله عنه، والقصص المزعومة عن خولة تدور حول بحثها عن أخيها في حرب الروم في
عهد عمر رضي الله عنه.
النتيجة ان دور ابن الازور والاساطير التي
حيكت حوله انما هي نتيجة السياسة فهي قصص لم تصح من وجه، ولم نقف عليها في مصدر
معتمد وثيق، وهي أشبه بالأساطير. فالجهل المقدس، فأصبح لدى الكثير من عبيد التراث ، والناس البسطاء صاروا هم من يقودون هذا التخلف
وهذه الثقافة ويؤصلونها في شعوبنا.
تعليقات
إرسال تعليق